حرر نفسك من عادة اللوم





مرحباً بك في VELDAIRE، المكان الذي نسعى ان نبني من خلاله أسلوب حياة مليء بالعافية والوعي.

تدوينة اليوم تعتبر أول تدوينة من سلسلة #عافي_سلبيتك، وهي سلسلة تدوينات تهتم بالتحدث عن عادة (فكرية/شعورية/سلوكية)سلبية وطريقة معافاتها بعادة إيجابية مناقضة لها. نبدأ بأول عادة ونقول بسم الله.

كان يا مكان: اللوم وما أدراك ما اللوم
لا أعرف متى أُصبت بهذا المرض، وكيف انتقل لي، لكن أعلم انّه مرض آلمني لسنين، والفظيع أني لم أعلم أني أعاني منه!

الآن أرى أني قطعت مشوار طويل لأنجو من مصيدة اللوم، طريق مليء بالتحديات ولكنه يستحق كل خطوة خطوتها فيه.

في يوم من الأيام كنت مثل معظم الناس على هذه الكرة الأرضية، ألوم كل شيء حولي على ما يصيبني أو أصابني! إن سألتني "لماذا" عند وقوع أي مشكلة أو عندما أشعر بأي شعور سلبي، من المؤكد سأجد شيء واحد أضع اللوم عليه كسبب لما انا عليه. ألوم باستمرار عائلتي- الرجل- العادات والتقاليد- المدرسة- المعلمة- المنهج- المرض- الجو- وطني- جنسي ...الخ، إن وقعت في أي مشكلة سأجد بالتأكيد فوراً شخص أو شيء ألقي عليه اللوم. 

للأسف لم أكن على وعي بالمرض الذي أصابني حتى بدأت في قراءة كتب التنمية الذاتية في المرحلة الثانوية. كنت في مرحلة متخبطة جداً وكان أسلوب الملامة في أعلى مراحله، كان اللوم منطقي جداً بالنسبة لي، وفجأة أصبحت أرى الأمور بمنظور جديد!


لا أذكر فعلياً متى بدأت اتعافى، ولكنّي أذكر التحول الذي بدأ يصيب حياتي في المرحلة الجامعية، تركت نفسي أغرق في مجال التنمية والوعي، كنت متألمة وابحث عن إجابة، وهذا جعلني أستمع لأي شخص واقرأ أي كتاب يقع أمامي، بحثاً عن إجابة، ومع البحث والقراءة والتعلم بدأت أتحول بخطوات كخطوات السلحفاة من فتاة لأئمة، لفتاة تتحمل مسؤولية ذاتها.


من أين يأتي اللوم (وطن اللوم)

اللوم يأتي من أرض بعيدة مؤمنة بمبدأ واحد، (إن كنت أنا على صواب، فلابد أنك أنت على خطأ، والمخطئ لابد أن اللوم سيقع عليه)، هذا مبدأ اللوم الأبدي ( يجب أن يكون هنالك مصيب ومخطئ)، فإن كنت أعاني من شيء لابد أن هنالك شيء خاطئ من الخارج أو من داخلي يجعلني أعاني. وهذا الشيء الخاطئ يقع عليه اللوم.


عملية تشريح اللوم

حتى نعرف كيفية التعامل مع اللوم، دعنا نعرف أولاً ما هو؟ اللوم ببساطة شديدة هو العذر الذي يسمح لنا أن نكون قاصرين دون أن نشعر بالذنب.

بالضبط تستطيع أن تُقصِّر في أي شيء ثم تبدأ بلوم شيء آخر على هذا التقصير!

كما اتفقنا إن مبدأ اللوم يعتمد على وجود مخطئ ومصيب، وفي هذه الحالة ستجد أن الإنسان الذي يلوم يرى نفسه مصيب، وهذه النظرة الذاتية تجعله لا يشعر بالذنب تجاه تقصيره!



عندما يحصل العكس!

في بعض الأحيان يبدأ الإنسان بلوم نفسه عندما يرى أنه مخطئ، ولعلّه فعلاً مخطئ ولكن عملية اللوم هذه تجعله يرتاح قليلاً، لأنه بجلده لذاته وتحقيرها لن يضطر لعمل شيء حقيقي تجاه الموضوع وتحمل مسؤولية الخطأ الذي صدر.  وفي حالات أخرى يكون هو الذي يتلقى اللوم ممن حوله بشكل مستمر ( نتحدث في تدوينه منفصله عن كيفية التعامل مع هذه الحالة بإذن الله)



طبق مليء بالذهب 
كل أنسان لن يستمر بالتصرف بسلوك (سلبي أم إيجابي) إلا لأنه يستفيد منه (حتى وإن لم يعي لهذه الفائدة)، ولهذا لن يمارس اللوم أي شخص إلا وبالضرورة أن هنالك منفعة تعود له منها، وهذه بعض المنافع الذهبية:

1- الشفقة على الذات.
تخيل الحديث الداخلي للشخص اللوام، تخيل نظرته لنفسه، يبكي على نفسه وحظه ويعيش في مكانه لعقود. إن الشخص الذي يشفق على ذاته بسبب القصص المتكررة التي يقولها لنفسه، يفعل ذلك حتى يستمر بالشعور بالضعف والوهن والظلم، وهذه المشاعر ستعطيه أعذار واهية حتى لا يقوم بفعل أي شيء حيال الموضوع.


2- عيش دور ضحية احترافي.
السيناريو: أنا ضحية العالم من حولي، ضحية المؤامرات التي تحاك حولي، أنا ضحية الرجل/المرأة أنا ضحية المجتمع، أنا ضحية النظام، أنا المسكين الذي ليس بيده حيلة، المسكين الذي وقع ضحية لكل هذه الأمور السيئة في الحياة. هم السبب في كل شيء أنا أعاني منه، يا حسرتي، حاولت ولكن أطاحوا بي، أنا مسكين، أنا طيب وطيبتي هيا سبب معاناتي.


3- رأفة الناس ودعمهم.
بالتأكيد عندما تعيش دور الضحية وتمارس الشفقة على الذات، ستجد ناس يساعدوك ويهتمون بك، ولعلّ هذه أكبر فائدة من اللوم، نعم! تخيل عندما تخرج على العلن وتصرح بقصتك الحزينة وتعلن عن كل الأشرار الذين أطاحوا بحياتك، لابد أن تجد من يدعمك معنوياً ومادياً، يا لها من جائزة.


لكل طبق فاتورة

نعم لن تستفيد بكل هذه الفوائد بالمجان، ستدفع ثمن الطبق الذي طلبته، وللأسف لقد طلبت طبق غير مفيد بسعر عالي جداً:

1- فقدان الحرية.
الشخص اللوام يجعل مصيره متعلق بكل شيء خارج نفسه، يجعل مصيره متعلق بالحكومة والناس والزواج والعائلة والأطفال والنظام والعادات ومديره وصديقه وصاحب البقالة … الخ. ببساطة أنت عندما تلوم، تخبر نفسك والعالم بأن هذا الأمر الذي تلومه عنده قدرة على التحكم بك. وإن كانت الأمور من حولك تُسيِّر حياتك ولا تملك أنت الخيار والمسؤولية، إذاً هل نعتبرك حر؟

2- الضعف والعجز
أي شخص يلوم ويجعل الخارج يتحكم بمصيره، يزود نفسه باستمرار ببنزين الضعف والعجز. عيناه لن ترى الفرص وحياته ستتجه للأسوأ فقط. اللوم يستنفذ طاقتك ويجعلك غير قادر على الشعور بالقوة والقدرة، وهذا أسوأ ما يمكن أن تدفعه مقابل القليل من اللوم، تذكر أن الله يحب المؤمن القوي.

3-حواجز مكسورة
عندما تلوم تصير شخص بلا حواجز وفلاتر، يستطيع أي شخص أن يخترقك ويخرّب حياتك، لا وجود للحدود، مملكتك تصبح معرضة وجاهزة لاستقبال أي غزو خارجي، أي شخص يستطيع أن يلعب بمشاعرك وظروفك وقراراتك.



دليلك للخروج من حجرة اللوم المظلمة

هذه بعض الاقتراحات، جمعتها لك من عدة مصادر، استخدمتها بشكل شخصي وساعدتني في الخروج:

1-اعترف
عليك أن تعترف بأنك تختار أن تلوم، بدايةً لن نطلب منك أن تتوقف عن اللوم، ولكن في كل مرة تبدأ باللوم فيها، توقف واعترف أنك تختار أن تلوم وليس عليك أن تلوم فعلاً.

2-انتبه
انتبه للمشاعر التي تكسبها من اللوم، مشاعر اللذة والرضا والمتعة والدعم وإلقاء المسؤولية عن كاهلك.

3-انتقل
عندما تراودك أفكار ومشاعر (أنا الضحية) والشفقة على الذات، انتقل من فكرة أن هذه المشاعر مفروضة عليك إلى فكرة أنك تختار الشعور بهذه المشاعر.

4-افهم
عليك أن تفهم أن كل شعور تشعر به، نقيضه موجود في داخلك، فكما تشعر بالضعف، القوة موجود بداخلك ولكنك لا تراها، اسمح لشعور الضعف أن يغيب كما تغيب الشمس، ثم اسمح للنقيض بالظهور.

5- النقيض
نقيض اللوم هو المسؤولية الذاتية، اقرأ وابحث واستمع وتعلم أكثر عن هذا المفهوم وأدخله في حياتك، مارسه، فاللوم عادة لن تذهب إلا عندما تجد بديل لها.


نقاط إضافية حول المسؤولية الذاتية

1- كلما زادت مسؤوليتك كلما زادت سلطتك على ما أنت مسؤول عنه.

2- عليك أن تتحمل المسؤولية حتى لو كانت مسؤولية غير مرغوبة.

3- مسؤوليتك ليست في ظهور أو عدم ظهور مشكلة في حياتك، مسؤوليتك في اختيار رد الفعل تجاه ما يقابلك في حياتك.

4-إن أخطأ شخص معك، اللوام سوف يحمّل هذا الشخص مسؤولية مشاعره وتعاسته وأي مشكلة ستظهر في حياته، لكن المسؤول يعلم أن هذا الشخص مخطئ ولكنه يتحمل مسؤولية الفعل الذي سيقوم به تجاه هذا الخطأ.

5- المسؤول، لا يلوم ذاته، إن أخطأ يتحمل مسؤولية خطأه ويعدله بما يستطيع، ويستمر في الحياة، عكس اللوام الذي تتوقف حياته.

6- المسؤول وإن واجهته مشاكل وتحديات يستمر في التحرك والتعديل، ولكن اللوام سيقف وينتظر من الناس أن يأتوا ويصلحوا ما أفسدوه.


أخيراً

عليك أن لا تلوم، عليك أن تكون مسؤول، فإن بدأت باللوم أعلم أنك أنت الذي يختار ذلك. اللوم سهل ولكن ثمنه باهظ، المسؤولية صعبة ولكن أثرها لا يقدر بثمن. في يدك القرار من الآن، تذكر أنك حر، وإن اخترت أن لا تختار فأنت تختار أن لا تختار. لا هروب من الحرية والمسؤولية. 
تستطيع الآن تدريب نفسك على تحمل المسؤولية والتحرر من اللوم من هنا ، وإن أردت أن تعرف أكثر عن كيفية بناء العادات اقرأ هذه التدوينة من هنا

كن بخير. كن بعافية وجمال وحب

( مراجع )
كتاب السماح بالرحيل
كتاب مواطن الضعف لديك 
كتاب فن اللامبالاة
كتاب غير تفكيرك، غيرك حياتك

4 comments

  1. " ان اخترت ان لا تختار فانت اخترت ان لا تختار " 👏👏👏👏معاكي مية بالمية بعض الناس تختار الطريق الاسهل بلوم غيرها بدل ما تتحمل مسؤولية اخطأها اوحتى فشلها بعض الاحيان  .keep going grl 💖

    ReplyDelete
    Replies
    1. بالضبط ... شكراً سمر على متابعتك، جداً جداً سعيدة بتعليقاتك وتفاعلك 😍💙💙💙💙💙💙

      Delete
  2. حرفيا ابدعتي في وصف وتحليل اللوم منجد هو كأنو وحش على هيئة شعور او احساس يقعد ياكل منك ياكل منك الين م يوقفك ومااا يخليك تتحرك من مكانك وزي م قلتي هوا منجد مررض م يخليك تستمتع في الحياة م يخليك تتحمل مسؤولية حاجة . مررة حبيت هادي المدونه

    ReplyDelete
    Replies
    1. 😍😍😍😍👌🏻👌🏻👌🏻
      وانا حبيت انك حبيتيها ... شكراً على كومنتك سويت قيرل 💙😍

      Delete